تخيل أنك تحاول الضغط على زر صغير جدًا على شاشة هاتفك، أو أنك تلاحق قائمة منسدلة تختفي بمجرد أن تحرك مؤشر الفأرة نحوها. هذا الإحباط الذي تشعر به ليس مجرد شعور عابر، بل هو نتيجة مباشرة لتجاهل مبدأ أساسي في التفاعل البشري مع الآلة. إن فهم وتطبيق قانون فيتس في تصميم الواجهات هو ما يفصل بين التجربة الرقمية السلسة والممتعة، والتجربة المزعجة التي تدفع المستخدمين لهجر تطبيقك أو موقعك بلا عودة. هذا القانون ليس مجرد نظرية أكاديمية، بل هو أداة عملية قوية في يد كل مصمم ومدير منتج يسعى لتحقيق نتائج حقيقية.
هذا الدليل ليس مجرد شرح نظري، بل هو خارطة طريق عملية ستأخذ بيدك لتفهم فلسفة القانون، وتطبقه بشكل فعال في مشاريعك القادمة. سنغوص في أعماق المعادلة الرياضية ونبسطها، وسنستعرض تطبيقات عملية ودراسة حالة حقيقية، ونحلل واجهات أشهر التطبيقات في عالمنا العربي.
ما هو قانون فيتس؟ شرح مبسط لمبدأ الحركة البشرية وتأثيره
قانون فيتس هو نموذج للحركة البشرية يتنبأ بالوقت اللازم للانتقال بسرعة إلى منطقة الهدف. بكلمات أبسط، ينص القانون على أن الوصول إلى هدف (مثل زر) يعتمد على عاملين فقط: المسافة التي يجب قطعها للوصول إليه، وحجم الهدف نفسه. كلما كان الهدف أقرب وأكبر، كان الوصول إليه أسرع.🔰هذا المبدأ، الذي صاغه عالم النفس بول فيتس عام 1954، لم يكن مخصصًا في الأصل لشاشات الكمبيوتر، بل كان يصف الحركة البشرية في المصانع وخطوط التجميع. لكن مع ظهور واجهات المستخدم الرسومية، وجد المصممون أن هذا القانون يصف بدقة مذهلة كيف يتفاعل المستخدمون مع العناصر على الشاشة، سواء باستخدام الفأرة، أو إصبع اليد، أو حتى وحدات التحكم في الواقع الافتراضي.
🔰جوهر القانون يكمن في فكرة "المقايضة بين السرعة والدقة". عندما تتحرك بسرعة كبيرة نحو هدف صغير، تزداد احتمالية الخطأ. ولتضمن إصابة الهدف، عليك أن تبطئ حركتك. قانون فيتس يمنحنا طريقة رياضية لوصف هذه العلاقة، مما يسمح لنا بتصميم واجهات تحترم القدرات الحركية الطبيعية للإنسان، بدلاً من إجباره على التكيف مع تصميم سيء.
تطبيقه في عالمنا الرقمي يعني شيئًا بسيطًا ومباشرًا: اجعل الأزرار والإجراءات المهمة كبيرة وقريبة من المستخدم قدر الإمكان. هذا المبدأ هو أساس الكثير من ممارسات التصميم البديهية التي نراها اليوم.
لماذا يُعتبر قانون فيتس في تصميم الواجهات حجر الزاوية لتجربة مستخدم ناجحة؟
لأن قانون فيتس يتعامل مباشرة مع الكفاءة والرضا، وهما ركنان أساسيان في أي تجربة مستخدم جيدة. التجربة الناجحة هي التي تسمح للمستخدم بإنجاز مهامه بأقل قدر من الجهد الذهني والبدني. قانون فيتس يركز بشكل مباشر على تقليل الجهد البدني (الحركي) اللازم للتفاعل مع الواجهة.
عندما يتم تطبيق القانون بشكل صحيح، تكون النتائج فورية وملموسة:
- تقليل وقت إنجاز المهام: المستخدمون يقضون وقتًا أقل في "الصيد" و "التصويب" على الأزرار والأيقونات، ووقتًا أطول في إنجاز ما يريدونه بالفعل.
- تقليل معدل الأخطاء: الأهداف الكبيرة تقلل من النقرات الخاطئة، خاصة على شاشات اللمس الصغيرة. هذا يقلل من إحباط المستخدم ويمنعه من الاضطرار للعودة وتصحيح أخطائه.
- زيادة رضا المستخدم: الواجهة التي "تشعر" بالاستجابة والسهولة تترك انطباعًا إيجابيًا عميقًا. المستخدم لا يفكر "لقد تم تطبيق قانون فيتس هنا"، بل يشعر بأن "استخدام هذا التطبيق سهل ومريح".
- تحسين إمكانية الوصول: المصممون الذين يراعون قانون فيتس يصممون بشكل طبيعي واجهات أكثر سهولة لكبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من إعاقات حركية.
⚡في النهاية، تجاهل هذا القانون يعني خلق احتكاك غير ضروري في رحلة المستخدم. هذا الاحتكاك قد يكون الفرق بين عملية شراء مكتملة وعربة تسوق مهجورة. لهذا السبب، لا يمكن اعتبار فهم قانون فيتس في تصميم الواجهات مجرد مهارة إضافية، بل هو كفاءة أساسية لكل من يعمل في مجال بناء المنتجات الرقمية.
معادلة قانون فيتس: كيف نحسبها ببساطة وماذا تعني للمصممين؟
قد تبدو المعادلة الرياضية لقانون فيتس مخيفة للوهلة الأولى، لكن فهمها من منظور المصمم أسهل بكثير مما تتوقع. لا تحتاج إلى أن تكون خبيرًا في الرياضيات لاستخلاص الحكمة منها. المعادلة هي:
T = a + b log₂(D/W + 1)
دعنا نفككها بهدوء:
- T (Time): هو الوقت المستغرق للوصول إلى الهدف. هذا هو ما نحاول تقليله.
- a و b: هما ثابتان يتم تحديدهما تجريبيًا ويعتمدان على نوع جهاز الإدخال (فأرة، إصبع...). يمكنك تجاهلهما كمصمم، فهما لا يغيران من جوهر العلاقة.
- D (Distance): هي المسافة من نقطة البداية (موضع المؤشر أو الإصبع) إلى مركز الهدف.
- W (Width): هو عرض الهدف، أو حجمه في اتجاه الحركة.
ماذا يعني هذا عمليًا لك كمصمم؟ الجزء الأهم في المعادلة هو (D/W). هذا هو "مؤشر الصعوبة". لتقليل الوقت (T)، يجب أن تجعل قيمة هذا المؤشر صغيرة قدر الإمكان.
لديك طريقتان فقط لتحقيق ذلك:
- تقليل المسافة (D): اجعل الأهداف أقرب إلى نقطة انطلاق المستخدم المحتملة. على سبيل المثال، في قائمة منسدلة، يجب أن تكون الخيارات قريبة من العنصر الذي تم النقر عليه لفتحها.
- زيادة الحجم (W): اجعل الأهداف أكبر. كلما زاد حجم الزر، قلت قيمة (D/W)، وبالتالي قل الوقت اللازم للنقر عليه.
هذه هي الحكمة الكاملة التي تحتاجها من المعادلة. لا يتعلق الأمر بالحسابات الدقيقة، بل بفهم العلاقة العكسية. قانون فيتس في تصميم الواجهات يخبرك ببساطة: لتسهيل مهمة ما، قلل المسافة إليها، وزد من حجمها. هذا هو كل شيء.
7 تطبيقات عملية لقانون فيتس لتحسين تصميماتك فورًا
فهم النظرية مهم، لكن القوة الحقيقية تكمن في التطبيق. إليك سبع طرق عملية يمكنك من خلالها استخدام قانون فيتس في تصميم الواجهات اليوم لتحقيق تحسينات فورية وملموسة في مشاريعك.
- اجعل الأهداف القابلة للنقر كبيرة بما يكفي: هذه هي النصيحة الأكثر مباشرة. الأزرار، الروابط، والأيقونات يجب أن تكون كبيرة بما يكفي ليتم استهدافها بسهولة. القاعدة الذهبية التي توصي بها دراسات قابلية الاستخدام من جهات مثل Nielsen Norman Group هي ألا يقل حجم الهدف عن 1 سم × 1 سم للأجهزة التي تعمل باللمس.
- قلل المسافة بين العناصر المتتالية في مهمة ما: إذا كان المستخدم سيقوم بسلسلة من الإجراءات (مثل ملء نموذج)، فاجعل الحقل التالي أو الزر التالي قريبًا من الحالي. لا تجبر المستخدم على تحريك مؤشره عبر الشاشة بأكملها من حقل اسم المستخدم إلى حقل كلمة المرور، ثم إلى زر تسجيل الدخول.
- استغل حواف وزوايا الشاشة: حواف الشاشة لا نهائية الحجم من الناحية العملية. يمكنك دفع مؤشر الفأرة نحوها بأقصى سرعة دون أن يتجاوزها. لهذا السبب، يعد وضع القوائم الرئيسية (مثل قائمة "ابدأ" في ويندوز) أو أشرطة الأدوات (Dock في ماك) في زوايا وحواف الشاشة قرارًا تصميميًا عبقريًا.
- صمم القوائم المنسدلة والعائمة بذكاء: يجب أن تظهر القوائم الفرعية قريبة جدًا من العنصر الأصلي الذي تم النقر عليه. إذا ظهرت بعيدة، فإنها تزيد المسافة (D) وتجبر المستخدم على رحلة أطول وأكثر عرضة للخطأ.
- تحسين تصميم النماذج (Forms): اجعل حقول الإدخال نفسها أهدافًا كبيرة. بدلاً من مجرد جعل النص قابلاً للنقر، اجعل الحقل بأكمله قابلاً للنقر لتفعيله. هذا يزيد من حجم الهدف (W) بشكل كبير ويحسن تجربة ملء النماذج.
- ضع منطقة الإبهام في اعتبارك عند تصميم للجوال: عند استخدام الهاتف بيد واحدة، يكون الإبهام هو أداة التفاعل الرئيسية. هناك "مناطق سهلة" و "مناطق صعبة" للوصول إليها. وضع الإجراءات الأكثر شيوعًا (مثل زر الإعجاب أو المشاركة) داخل منطقة الإبهام الطبيعية هو تطبيق مباشر لقانون فيتس.
- صمم رسائل التأكيد والخطأ بحكمة: عندما يظهر مربع حوار لتأكيد إجراء خطير (مثل الحذف)، يجب وضع زر "الحذف" بعيدًا نسبيًا عن زر "الإلغاء" وربما أصغر حجمًا قليلاً. هنا، نستخدم القانون بشكل عكسي لزيادة الصعوبة عمدًا ومنع الأخطاء الكارثية.
دليل عملي: تطبيق قانون فيتس خطوة بخطوة في تصميم تطبيق توصيل (دراسة حالة مصغرة)
لنجعل الأمور ملموسة. تخيل أننا نعمل على تصميم شاشة المنتج في تطبيق لتوصيل الطعام. هدفنا الرئيسي هو جعل عملية إضافة منتج إلى السلة وإتمام الطلب سلسة وسريعة قدر الإمكان. هنا، قانون فيتس في تصميم الواجهات هو نجم العرض.
الخطوة الأولى: تحليل الإجراء الأساسي (Primary Action)
الإجراء الأكثر أهمية في هذه الشاشة هو "إضافة إلى السلة". هذا الزر هو مصدر رزق التطبيق.
- تطبيق قانون فيتس: يجب أن يكون زر "أضف إلى السلة" هو العنصر الأكبر والأكثر بروزًا في الجزء السفلي من الشاشة.
- الحجم (W): سنجعله يمتد على عرض الشاشة بالكامل تقريبًا، مع هوامش بسيطة.
- المسافة (D): بوضعه في الأسفل، يكون دائمًا على مسافة قريبة من إبهام المستخدم الذي يمسك بالهاتف.
الخطوة الثانية: تصميم الإجراءات الثانوية
قد يرغب المستخدم في تعديل الكمية قبل الإضافة إلى السلة.
- تطبيق قانون فيتس: نضع أزرار "+" و "-" لتعديل الكمية بجوار بعضها البعض مباشرة. لا نجعل المستخدم ينتقل من جانب من الشاشة إلى الجانب الآخر لزيادة الكمية ثم إنقاصها. المسافة (D) بينهما تقترب من الصفر، مما يجعل التعديل سريعًا للغاية.
الخطوة الثالثة: التغذية الراجعة والانتقال للمرحلة التالية
بمجرد النقر على "أضف إلى السلة"، يجب أن يعرف المستخدم أن الإجراء قد نجح، وأن نسهل عليه الخطوة التالية.
- تطبيق قانون فيتس: بعد النقر، يظهر زر "عرض السلة والانتقال للدفع" في نفس مكان زر "أضف إلى السلة".
لماذا هذا فعال؟ لأن إصبع المستخدم موجود بالفعل في هذا الموقع. المسافة (D) للوصول إلى الإجراء التالي هي صفر. لا يحتاج المستخدم إلى إعادة توجيه انتباهه وإصبعه إلى زاوية أخرى من الشاشة.
الخطوة الرابعة: تصميم شاشة الدفع
في شاشة الدفع، زر "تأكيد الطلب" هو الإجراء الحاسم.
- تطبيق قانون فيتس: مرة أخرى، نضع زر "تأكيد الطلب" كبيرًا وواضحًا في أسفل الشاشة. حقول إدخال العنوان وتفاصيل البطاقة تكون كبيرة وواضحة، مع مسافات منطقية بينها لتقليل الجهد في التنقل.
يمكننا بناء هذه النماذج الأولية بسهولة باستخدام أدوات مثل Figma، والتي تتيح لنا اختبار هذه التدفقات بسرعة. إن وجود مقال جيد يشرح أساسيات هذه الأداة يمكن أن يكون نقطة انطلاق ممتازة لأي مصمم جديد.
مقارنة تطبيق قانون فيتس: قبل وبعد
العنصر | تصميم سيء (صعوبة عالية) | تصميم محسّن (صعوبة منخفضة) | التأثير على المستخدم |
---|---|---|---|
زر "شراء الآن" | أيقونة عربة تسوق صغيرة في الزاوية العلوية اليمنى | زر نصي كبير وواضح في أسفل الشاشة | أسرع في الوصول، نقرات أقل خطأ، زيادة التحويلات |
نموذج تسجيل | حقول إدخال ضيقة ومتقاربة جدًا | حقول إدخال عريضة مع مسافات كافية | أسهل في النقر والتنقل، تقليل إحباط المستخدم |
قائمة منسدلة | الخيارات تظهر بعيدًا عن القائمة الأصلية | الخيارات تظهر بجوار المؤشر مباشرة | وقت أقل لاختيار عنصر، حركة فأرة أقل |
تأكيد الحذف | زري "نعم" و "لا" بنفس الحجم ومتجاوران | زر "حذف" أحمر وصغير، وزر "إلغاء" أكبر وبعيد | تقليل الأخطاء الكارثية عبر زيادة الجهد المطلوب عمدًا |
هذه الدراسة المصغرة توضح أن قانون فيتس في تصميم الواجهات ليس مجرد نظرية، بل هو مجموعة من القرارات العملية التي تبني تجربة مستخدم أفضل خطوة بخطوة.
قانون فيتس في العالم العربي: تحليل واجهات أشهر التطبيقات في السعودية ومصر والإمارات
لكي نرى القانون على أرض الواقع، دعنا نتفحص بعض التطبيقات التي نستخدمها يوميًا في منطقتنا العربية. هذا التحليل يوضح كيف أن المبادئ العالمية للتصميم تُطبق بنجاح لتلبية احتياجات المستخدم المحلي.
👈1. تطبيق جرير (Jarir Bookstore) - السعودية:
تطبيق جرير مثال ممتاز على الوضوح في الإجراءات. عند تصفح أي منتج، ستجد زر "أضف للسلة" بلون برتقالي مميز، كبير الحجم، ويحتل مساحة واضحة أسفل معلومات المنتج.
- تحليل قانون فيتس: حجم الزر (W) كبير جدًا، مما يجعله هدفًا سهلاً. موضعه المتوقع أسفل تفاصيل المنتج يقلل من المسافة الذهنية والبدنية (D) التي يحتاجها المستخدم للبحث عنه. إنه تصميم لا يترك مجالًا للشك أو التردد.
👈2. تطبيق نون (Noon) - الإمارات والمنطقة العربية:
واجهة نون، خاصة في تطبيق الجوال، تتميز بوضع شريط التنقل الرئيسي في الأسفل، مما يضع أيقونات (الرئيسية، الفئات، حسابي، السلة) في متناول إبهام المستخدم.
- تحليل قانون فيتس: هذه الأيقونات المهمة موجودة في "المنطقة السهلة". المسافة (D) بين إبهام المستخدم وهذه الأزرار الحيوية هي الحد الأدنى، مما يجعل التنقل بين أقسام التطبيق الرئيسية سريعًا وفعالًا. زر "أضف إلى العربة" في صفحات المنتج يتمتع بنفس الخصائص: كبير وواضح.
👈3. تطبيق طلبات (Talabat) - مصر والخليج:
عملية طلب الطعام عبر "طلبات" هي سباق مع الزمن والجوع، والتصميم يعكس ذلك. من اختيار المطعم إلى إضافة طبق إلى السلة، الأزرار كبيرة وواضحة.
- تحليل قانون فيتس: عند اختيار طبق، زر "أضف" لا يكون مجرد نص صغير، بل هو هدف كبير وواضح. والأهم، بعد الإضافة، يظهر زر "اذهب إلى السلة" بشكل بارز. هذا يقلل من الوقت (T) اللازم لإكمال الطلب، وهو أمر حاسم عندما يكون المستخدم جائعًا وغير صبور. هذا الاستخدام الذكي لـ قانون فيتس في تصميم الواجهات يساهم مباشرة في نجاح التطبيق.
هذه الأمثلة تؤكد أن الشركات الرائدة في منطقتنا لا تترك قابلية الاستخدام للصدفة. إنها تطبق مبادئ التصميم الأساسية مثل قانون فيتس بشكل منهجي لتحقيق أهدافها التجارية.
ما هو أبعد من الأساسيات؟ علاقة قانون فيتس بقانون هيك والواجهات المعقدة
فهم قانون فيتس في تصميم الواجهات خطوة أولى رائعة، لكن المصمم المحترف يعرف أن القوانين لا تعمل بمعزل عن بعضها. أحد أهم العلاقات هي بين قانون فيتس وقانون هيك (Hick's Law).
- قانون هيك: ينص على أن الوقت الذي يستغرقه اتخاذ قرار يزداد مع زيادة عدد وتعقيد الخيارات المتاحة.
- العلاقة بينهما: قانون هيك يساعدنا في تحديد كم عدد الخيارات التي يجب عرضها على المستخدم (العبء المعرفي). بينما قانون فيتس يساعدنا في تصميم كيفية عرض هذه الخيارات لتكون سهلة الوصول (العبء الحركي).
لنتخيل قائمة طعام في تطبيق:
- تطبيق قانون هيك: بدلاً من عرض 100 طبق في صفحة واحدة، نقوم بتقسيمها إلى فئات (مقبلات، أطباق رئيسية، حلويات). هذا يقلل عدد الخيارات في أي لحظة معينة، مما يسهل على المستخدم اتخاذ قرار. لقد فصلنا هذا المبدأ بعمق في دليلنا الشامل حول قانون هيك، والذي يعتبر قراءة مكملة أساسية لهذا المقال.
- تطبيق قانون فيتس: داخل كل فئة، نصمم أزرار "إضافة" لتكون كبيرة وواضحة وقريبة من وصف الطبق.
الجمع بين القانونين يخلق تجربة متناغمة: سهلة الفهم (هيك) وسهلة الاستخدام (فيتس).
لكن هل هناك حدود لقانون فيتس؟ نعم. في الواجهات المزدحمة للغاية، قد يؤدي تكبير حجم كل الأهداف إلى فوضى بصرية. هنا يأتي دور المصمم في الموازنة وتحديد الأولويات. أي الأهداف هو الأكثر أهمية؟ هذا الهدف يستحق حجمًا أكبر وموقعًا أفضل على حساب الأهداف الأقل أهمية. التصميم العظيم هو فن إدارة هذه المقايضات بذكاء.
أخطاء شائعة يجب تجنبها عند تطبيق قانون فيتس في تصميم الواجهات
الوعي بالقانون لا يمنع الوقوع في أخطاء تطبيقه. إليك بعض الأخطاء الشائعة التي يجب أن تكون على دراية بها لتجنبها في تصميماتك.
- تصغير الأهداف على شاشات الجوال: الخطأ الأكثر شيوعًا هو تصميم أهداف قابلة للنقر (مثل أيقونات وسائل التواصل الاجتماعي أو روابط التذييل) بحجم صغير جدًا على شاشات الجوال. هذا يجعل النقر عليها بالإصبع أشبه بلعبة حظ، مما يسبب إحباطًا كبيرًا.
- تجاهل المسافة بين الأهداف: وضع أزرار ذات وظائف متعارضة (مثل "حفظ" و "إلغاء") قريبة جدًا من بعضها هو وصفة لكارثة. نقرة خاطئة واحدة يمكن أن تمحو عمل المستخدم. زيادة المسافة (D) بينهما هي خط دفاع مهم.
- عدم الاتساق في وضع العناصر: إذا كان زر "التالي" في أسفل يمين الشاشة في الخطوة الأولى، ثم انتقل إلى أسفل اليسار في الخطوة الثانية، فإنك تجبر المستخدم على البحث عنه في كل مرة. الاتساق في الموضع يقلل من العبء المعرفي ويجعل الواجهة متوقعة وسهلة الاستخدام.
- التركيز على الفأرة ونسيان اللمس: التصميم الذي يبدو رائعًا على شاشة سطح المكتب قد يكون غير قابل للاستخدام على الهاتف. يجب دائمًا اختبار تصميماتك على أجهزة حقيقية للتأكد من أن الأهداف كبيرة بما يكفي لأصابع اليد، وليس فقط لمؤشر الفأرة الدقيق. تجنب هذه الأخطاء هو تطبيق مباشر لجوهر قانون فيتس في تصميم الواجهات بطريقة دفاعية.
مستقبل قانون فيتس: هل يظل فعالاً في عصر الواقع الافتراضي والواجهات اللمسية المتطورة؟
قد يتساءل البعض: هل قانون يعود لعام 1954 لا يزال ذا صلة في عالم الواجهات ثلاثية الأبعاد والواقع المعزز والتفاعل الصوتي؟ الإجابة هي نعم، وبقوة.
جوهر القانون لا يتعلق بالفأرة أو الشاشات، بل بالحركة البشرية الهادفة. طالما أن هناك "مستخدم" يحاول التفاعل مع "هدف"، سيظل قانون فيتس ساريًا، وإن كان بشكل مختلف.
- الواقع الافتراضي (VR) والمعزز (AR): بدلاً من الفأرة، قد يكون المؤشر هو يدك أو حتى نظرة عينك. لكن المبدأ يظل كما هو. الهدف الذي يجب أن "تلمسه" بيدك في الفضاء الافتراضي سيكون الوصول إليه أسرع إذا كان أكبر وأقرب إلى وضع يدك الطبيعي. تزداد أهمية القانون هنا لأن الحركة في الفضاء ثلاثي الأبعاد أكثر تعقيدًا.
- الواجهات الصوتية (Voice UI): قد لا يبدو أن هناك صلة مباشرة، ولكن يمكننا رؤية نسخة مجردة من القانون. "المسافة" هنا يمكن أن تكون التعقيد الصوتي للكلمة أو الجملة. أمر صوتي قصير وواضح مثل "شغل الموسيقى" هو بمثابة هدف كبير وقريب. بينما أمر طويل ومعقد هو هدف صغير وبعيد.
- الواجهات القائمة على الإيماءات (Gestural Interfaces): السحب، النقر المزدوج، والقرص للتكبير كلها تخضع لمبادئ مماثلة. منطقة التمرير الكبيرة أسهل في التفاعل معها من منطقة صغيرة.
أسئلة شائعة
كيف يؤثر قانون فيتس على معدلات التحويل في المتاجر الإلكترونية؟
يؤثر قانون فيتس بشكل مباشر على معدلات التحويل عبر تسهيل الإجراءات الرئيسية التي يقوم بها المستخدم. عندما تكون أزرار مثل "أضف إلى السلة" و "إتمام الشراء" كبيرة الحجم وفي متناول اليد، يقل الجهد والوقت اللازم للنقر عليها. هذا التحسين في قابلية الاستخدام يقلل من تردد المستخدم وإحباطه، مما يؤدي إلى زيادة احتمالية إكماله لعملية الشراء ورفع معدل التحويل بشكل ملحوظ.
ما هي أفضل أحجام الأزرار لتطبيقات الجوال حسب قانون فيتس؟
لا يحدد قانون فيتس حجمًا واحدًا مثاليًا، بل يركز على العلاقة بين الحجم والمسافة. لكن كقاعدة عامة، توصي إرشادات التصميم البشري من شركات مثل Apple و Google بألا يقل حجم الهدف القابل للنقر عن 44x44 بكسل للشاشات التي تعمل باللمس. هذا الحجم يضمن أن يكون الهدف كبيرًا بما يكفي ليتم النقر عليه بسهولة بإصبع الإبهام دون أخطاء، وهو تطبيق مباشر لمبدأ تكبير حجم الهدف (W) في معادلة فيتس لتقليل وقت الوصول.
هل يمكن تجاهل قانون فيتس في تصميم الواجهات الفنية؟
يمكن "ثني" قواعد قانون فيتس في التصاميم الفنية أو التجريبية، ولكن لا يمكن تجاهل تأثيره. حتى في الواجهات التي تعطي الأولوية للجماليات على قابلية الاستخدام، سيظل المستخدمون يجدون صعوبة في التفاعل مع الأهداف الصغيرة والبعيدة. قد يكون هذا مقصودًا لخلق تجربة معينة، ولكنه قرار تصميمي يجب اتخاذه بوعي تام بعواقبه على سهولة الاستخدام.
ما الفرق الجوهري بين قانون فيتس وقانون هيك (Hick's Law)؟
الفرق الجوهري يكمن في نوع العبء الذي يتعامل معه كل قانون. قانون فيتس يتعامل مع "العبء الحركي"، أي الوقت والجهد البدني اللازم للوصول إلى هدف والنقر عليه. بينما قانون هيك يتعامل مع "العبء المعرفي"، أي الوقت الذي يستغرقه المستخدم لاتخاذ قرار عندما يواجه عددًا من الخيارات. يمكن القول إن قانون هيك يساعدنا على تحديد عدد الخيارات المثالي، وقانون فيتس يساعدنا على تصميم هذه الخيارات لتكون سهلة الاستخدام.
كيف أستخدم قانون فيتس لتحسين تصميم نماذج إدخال البيانات الطويلة؟
لتطبيق قانون فيتس في النماذج الطويلة، يجب التركيز على تقليل المسافة بين حقول الإدخال المتتالية وجعل زر "التالي" أو "إرسال" كبيرًا وواضحًا في نهاية النموذج. كما يجب أن تكون حقول الإدخال نفسها عريضة ومرتفعة بما يكفي لتسهيل النقر عليها. بالنسبة لتطبيقات الجوال، وضع زر الإجراء الأساسي في منطقة "الإبهام" المريحة يقلل من الجهد بشكل كبير ويحسن تجربة ملء النموذج.
الخلاصة هي أن التكنولوجيا تتغير، لكن فسيولوجيا الإنسان تظل ثابتة نسبيًا. سيستمر قانون فيتس في تصميم الواجهات في كونه أداة تحليلية وتصميمية لا تقدر بثمن، لأنه يرتكز على حقيقة أساسية عن كيفية تحركنا وتفاعلنا مع العالم من حولنا، سواء كان هذا العالم حقيقيًا أم رقميًا. إنه دليل على أن فهم المبادئ الإنسانية الأساسية هو أفضل استثمار يمكن أن يقوم به أي مصمم للمستقبل.